في ظل التحول التعليمي الذي تشهده المملكة العربية السعودية نحو تطوير بيئة تعليمية محفزة، بات من الضروري تجاوز الأساليب التقليدية التي تعتمد على التلقين، والانتقال إلى نماذج أكثر تفاعلًا وفاعلية. وهنا تظهر استراتيجيات التعلم النشط بوصفها أحد أهم الأدوات التعليمية الحديثة التي تعزز دور الطالب كمشارك حقيقي في بناء المعرفة.
المقال التالي يعرض تعريف التعلم النشط، ويستعرض أهدافه، وأنواعه، ويشرح عددًا من الاستراتيجيات العملية التي يمكن تطبيقها بسهولة في البيئة الصفية، مع تسليط الضوء على أساليب تناسب السياق التعليمي في المملكة.
التعلم النشط هو نهج تعليمي يضع المتعلم في موقع الفاعل، وليس المتلقي فقط. يقوم على مجموعة من الأنشطة الصفية التي تتطلب من الطالب التفاعل، والمناقشة، والاستنتاج، وتقديم التغذية الراجعة.
خلافًا للتعليم التقليدي، يركّز هذا النموذج على:
لا يعني التعلم النشط التخلي عن دور المعلم، بل إعادة تشكيله ليكون موجهًا ومنظمًا ومحفزًا.
تتمحور أهداف التعلم النشط حول تطوير المتعلم في أبعاده المتعددة: المعرفية، والمهارية، والوجدانية. من أبرز هذه الأهداف:
هذه الأهداف لا تقتصر على التحصيل، بل تمتد إلى بناء شخصية الطالب وتنمية مهاراته الناعمة.
تتنوع أنواع التعلم النشط بحسب الهدف والمحتوى والمرحلة الدراسية. ويمكن تصنيفها إلى:
فيما يلي مجموعة من أسهل استراتيجيات التعلم النشط التي أثبتت فاعليتها وسهولة تنفيذها:
تُستخدم عندما يكون كثير من الطلاب يرفعون أيديهم للإجابة، حيث يُطلب من الجميع خفض أيديهم مؤقتًا، ثم يُختار الطلاب عشوائيًا للإجابة. هذه الاستراتيجية:
يُمنح الطالب وقتًا للتفكير الفردي، ثم يُطلب منه تبادل الأفكار مع زميل، وبعدها يشارك ما توصلوا إليه مع الصف. تعزز هذه الاستراتيجية مهارات:
يُقسم الصف إلى مجموعات، وتتحرك كل مجموعة بين محطات تحتوي على نشاط مختلف. هذه الطريقة:
يتم توزيع بطاقات تحتوي على أسئلة متنوعة، وعلى الطالب أن يجيب على السؤال المرفق في بطاقته أو يناقشه مع زملائه. تُستخدم لتفعيل الحصة ومراجعة الدروس بطريقة غير تقليدية.
رغم أن التعلم النشط يُستخدم في مختلف المواد والمراحل، إلا أن هناك حالات يكون فيها أكثر فعالية، مثل:
تشير الدراسات التربوية إلى أن الطلاب الذين يتعرضون باستمرار لاستراتيجيات تعلم نشط يظهرون:
رغم فعاليته، إلا أن بعض العقبات قد تواجه المعلم، ومنها:
هذه التحديات يمكن التغلب عليها بالتدرّج في التطبيق، والتخطيط المسبق، وتبادل التجارب بين المعلمين.
الانتقال إلى استراتيجيات التعلم النشط ليس مجرد تجديد شكلي، بل هو إعادة صياغة لدور الطالب والمعلم داخل الصف. حين يُمنح الطالب فرصة التفكير، والتعبير، والمشاركة، تتحول الحصة من واجب ثقيل إلى تجربة غنية ومؤثرة.
كل مدرسة تسعى إلى تطوير مخرجاتها التعليمية تحتاج إلى أن تجعل من التعلم النشط جزءًا أصيلًا في ثقافتها التعليمية، لا خيارًا إضافيًا.
Educational Content Creator