كيف تجعل طفلك قوي الشخصية؟

لا يولد البشر بشخصية؛ إنها نتيجة الاختيار المتعمد والتربية والتدريب والممارسة، فهي انعكاس لمن نختار أن نكون والمواقف والقيم التي تحكم سلوكنا وأفعالنا في عقلنا الباطن، لهذا غالبًا ما يُقال إن الآباء هم أول وأهم معلمين لأطفالهم، ومن هنا نستنتج أن بناء شخصية قوية للطفل يبدأ من طريقة تربية والديه له، إليكم نصائح فعّالة لغرس لبِنات الشخصية القوية في شخصية الطفل منذ الصغر.

1- لا تُصنف شخصيته

عندما تستخدم كلمات مثل "خجول"، "متسلط"، أو حتى "فتى أو فتاة جيدة"، فهذا يعد تصنيفًا لشخصية طفلك كلما سمعه منك، يترسخ بشكلٍ أعمق في عقله، مما يمكن أن يخلق دون قصد دورًا في تشكيل شخصيته، فمثلًا إذا سمعوا أنهم يوصفون بالخجل، فيمكنهم البدء في الارتقاء إلى مستوى هذا التوقع، فيتراجعون عن المبادرة،

ويصبحون أكثر حساسية عند التحدث أمام الأفراد، ويرفضون التعامل مع الغرباء، مما ينعكس سلبًا على شخصياتهم، لهذا انتبه جيدًا إلى الكلمات التي تصف بها طفلك، لأنها قوية للغاية، وحاول تجنب تصنيفه، واستبدل التركيز على تصنيف شخصيته بتصنيف السلوك نفسه.

اقرأ ايضاً: طرق رائعة لتعزيز الثقة بالنفس وعلاج الخجل عند الأطفال 

2- نظّم مشاعره

الآباء الأذكياء يعلمون الأطفال أن مشاعرهم جيدة وأن ما يفعلونه بهذه المشاعر هو المهم؛ فيقولون أشياء مثل: ”لا بأس أن تشعر بالغضب، ولكن لا يصح أن تضرب أخيك”، أي يساعدونهم بشكلٍ استباقي في تحديد مهارات التأقلم التي تناسبهم، ويمكن أن يساعد التلوين الأطفال على تحسين مشاعرهم، كما قد يكون الاستماع إلى الموسيقى وسيلة جيدة للتعامل مع المشاعر المختلفة،

وعندما يكون الطفل غاضبًا، لا تهدئه، بل علّمه كيفية التعامل مع أسباب غضبه والمشاعر غير المريحة بمفرده، حتى لا يكبر معتمدًا عليك في تنظيم حالته المزاجية؛ فالأطفال الذين يفهمون مشاعرهم ويعرفون كيفية التعامل معها يكونون أكثر استعدادًا للتعامل مع التحديات المختلفة.

3- كن حازمًا لا متسلطًا

إذا كنت ترغب في تربية طفل قوي يدافع عن نفسه، فلا تفرض عليه الامتثال لجميع قواعدك دون أي مناقشة أو تغيير، كن حازمًا حتى يتعلمون ذلك منك، ولكن اترك لهم مساحة يعرضون من خلالها آراءهم، ودعهم يتخذون موقفًا تجاه معتقداتهم الصحيحة بين الحين والآخر، لتعرف المزيد عن تركيباتهم الشخصية،

وتشجعهم على المبادرة، والمناظرة الفعّالة، والنقاش المبني على الحجج المنطقية، وكذلك عدم قبول أي شيء لمجرد امتثال الجميع له، مما يعزز قدراته الإبداعية من ناحية أخرى.

4- عزّز التعاطف

على عكس المعتقد، التعاطف مع الآخرين لا يرتبط بضعف الشخصية، بل هو أكبر دليل على قوتها، لأنه يعكس القدرة على السيطرة على المشاعر والتصرفات غير المرغوبة، لهذا يطور اللطف والتسامح مع الآخرين شخصية قوية، كما يُعلّم الطفل إظهار الاحترام والكرم لمن حوله،

لهذا من المهم دعم هذا السلوك العاطفي الإيجابي منذ الصغر من خلال جعلهم يشعرون بمشاعر الآخرين قدر الإمكان، مثلًا، إذا كسر صديق لابنك أحد ألعابة، قل له: "لم يقصد ذلك، قد يكون محرجًا منك الآن، حاول التخفيف عنه".

اقرأ ايضاً: كيف يتعلم الطفل آداب التعامل مع الآخرين في المدرسة؟ 

 5- اهتم بمنظومته الأخلاقية  

الآباء والأمهات الذين لديهم قناعات أخلاقية محددة هم أكثر عرضة لتربية أطفال ذوي شخصيات قوية، نظرًا لأنه المرجح أن يتبنى أطفالهم معتقدات والديهم، لذا ابدأ بسؤال نفسك عن الفضائل والمعتقدات الأخلاقية الأكثر أهمية بالنسبة لك، ويمكن أن يستخدم الآباء والمعلمون القصص لتعليم دروس أخلاقية للأطفال، 

وتنمية القيم الإيجابية مثل الصدق والأمانة والصبر والعدل، مما يساعدهم على التفكير في الشيء الصحيح الذي يجب القيام به، وضع في اعتبارك أن أطفالك يستمعون إلى القصص التي ترويها للبالغين الآخرين، لأن هذه الحكايات توضح كيف توجه قيمك جميع جوانب حياتك.

6- درّبه على اتخاذ القرار

يمكن للأطفال التعلم بشكل غير مباشر عندما يرون بناء الشخصية أثناء التعلم مباشرة عندما يسمعون دروسًا في القيم، لكنهم يحتاجون إلى خبرة عملية لمعرفة المعنى الحقيقي للشخصية، لهذا عندما تتاح لطفلك الفرصة لاتخاذ قرار، على سبيل المثال: الاضطرار إلى الاختيار بين صديقين،

أو اختيار الرياضة التي سيمارسها في النادي، ساعده في اتخاذ إجراء أخلاقي سليم، ولاحظ النتائج الإيجابية في حياته اليومية، يمكنك أيضًا إيجاد طرق للمشاركة في الإجراءات الاجتماعية والمجتمعية التي يمكن لأطفالك الوصول إليها لتعزيز ذلك.

اقرأ ايضاً: كيف يمكن تطوير قدرة الطفل على اتخاذ القرار؟ 

7- شجّعه على العمل الشاق

العمل الجاد هو سمة إيجابية يجب عليك تعليمها لأطفالك، لأنه الأساس الذي تُبنى عليه الحياة الناجحة، ولأن الأطفال ليس لديهم صبر ويشعرون بالملل بسهولة ويتشتّت تركيزهم، فيعلمهم العمل الجاد الاعتماد على النفس والصبر، لهذا عندما يحقق أطفالك شيئًا ما، امتدح العمل الشاق الذي بذلوه فيه،

بدلًا من مدح عقولهم الذكية وأجسادهم الرياضية فقط، فقل شيئًا، مثل: "لقد أحببت الطريقة التي بذلت بها الكثير من الجهد لتحقيق ذلك"، ليصبحوا أكثر تركيزًا في الحياة على العمل الجاد، وتنغرس هذه القيمة في شخصياتهم. 

الشخصية القوية تستمد من السمات الشخصية الإيجابية التي تساعد الأطفال على أن يصبحوا بشرًا صالحين على طريق مستقيم، وتعمل هذه الصفات الإيجابية على حماية أطفالك من التأثيرات السيئة أثناء نموهم، فيشعرون بالرضا الذاتي، كما تتحسن قدراتهم على التواصل وبناء العلاقات، ويرتفع مستواهم الأكاديمي، فيكونون أكثر قوة عند مواجهة التحديات، ومن المتوقع أن يحظى الأطفال أصحاب الشخصيات القوية بفرص مهنية أكبر، خاصة عندما يتعلق الأمر بتلك الفرص القيادية.