كيف تؤثر البيئة المدرسية على الطلبة؟

من المؤكد أن الطالب الذي يجري اختبارًا في غرفة هادئة سيكون قادرًا على تحصيل نتائج أفضل من تلك التي يحققها طالب يؤدي لنفس الاختبار في غرفة صاخبة وفوضوية، لأن الدراسات تظهر وجود علاقة ترابطية بين بيئة البيئة المدرسية وسلوك الطالب، وهو ما ينعكس بشكلٍ إيجابي على أدائه الأكاديمي، وكذلك مستوى نموه ونضجه العاطفي والنفسي، ومن ثم مستقبله المهني والشخصي، ناهيك عن أن البيئة المدرسية المتطورة تشجع المعلمين على أن يكونوا بارعين في ما يفعلونه، فيقوموا بدورهم على أكمل وجه، بدلاً من أن يكون لهم تأثير سلبي على الأطفال، فما هي العناصر التي يجب توافرها في البيئة المدرسية لتساعد الطلاب على النمو والإنجاز؟

1- هيكل الفصل الدراسي

يتفق معظم الخبراء على أن البيئة المدرسية الصحية في الفصل الدراسي يمكن أن تكون حافزًا للأداء الأكاديمي الجيد، والفصل الدراسي الهادئ والراقي والإيجابي سيكون بالتأكيد أفضل من الفصول الصاخبة والمشتتة، كما يوجد ارتباطًا قويًا بين التغيرات البيئية في الفصل الدراسي والنجاح الأكاديمي، ويرتبط أيضًا بجودة البيئة في الفصل الدراسي الأنشطة التي تتم ممارستها داخل الفصل، وكذلك مدى الاعتماد على طرق التدريس الحديثة والتفاعلية التي تعتمد على الألعاب والأساليب التقنية الحديثة، إذ تساعد هذه الأنشطة الطفل على امتلاك مهارات جماعية وقيادية مع تنمية شخصيته.

2- جودة البنية التحتية

يجب أن تكون البيئة المدرسية ذات بنية تحتية قوية تتماشى مع المعايير التعليمية المتعارف عليها، وتتمثل البنية التحتية الجيدة في المباني المكيفة المزودة بالعيادات المجهزة للعناية بالطلاب عند الحاجة، وكذلك وجود لوحات تفاعلية ووسائط متعددة يتم من خلالها تعليم الطلاب المواد الدراسية بطرق مبتكرة تساعدهم على الوصول إلى أداء أكاديمي أفضل، ومن أهم ركائز البنية التحتية الجيدة أيضًا، مدى توافر أحدث الأدوات والعناصر في مختبرات العلوم والحاسب الآلي، ومدى الاهتمام بتحديث جميع أجهزة الكمبيوتر والأدوات الأخرى بشكلٍ مستمر يُصقل مهارات التجريب لدى الطالب. 

3- ألوان البيئة المدرسية

تلعب الألوان في البيئة المدرسية دورًا رئيسيًا في مدى فعالية التعلم، لذلك يجب التفكير فيها عند اختيار مساحة الدراسة المثالية، إذ أن للألوان المختلفة تأثيرات متنوعة على الحالة المزاجية والعاطفية، ويمكن استخدامها لتحسين التعلم والتأثير على الحالة المزاجية، على سبيل المثال؛ اللون الأحمر هو لون قوي يمكن أن يحفز التعلم ويشجع على الإبداع، ولكنه يرفع ضغط الدم ونبض القلب ومستويات التوتر، لهذا غالبًا ما يتم تجنب ظلاله في البيئة المدرسية، على عكس اللون الأصفر الذي يخلق شعورًا إيجابيًا ويمكن أن يساعد الطلاب على البقاء مشاركين ومتفاعلين طوال جلسات الدراسة، فيكون مناسبًا للبيئة المدرسية.

4- إضاءة مساحات الدراسة

وجدت الدراسات أن الطلاب الذين يتعلمون في بيئة مدرسية مُضاءة بشكل طبيعي يحققون عادةً درجات أعلى بنسبة 25٪ من تلك الموجودة في الفصول الدراسية ذات الإضاءة الخافتة، كما ثبت أيضًا أن الضوء الطبيعي يعزز المزاج بشكلٍ فعال ويقلل من مشاعر التوتر والقلق، لهذا يُنصح بمحاولة الاستفادة من الإضاءة الطبيعية قدر الإمكان من خلال وضع المكاتب بالقرب من النوافذ واختيار غرف الدراسة التي تتعرض لضوء الشمس طوال اليوم، ويفضل تجنب يجب استخدام مصابيح الفلورسنت، لأنها قد تسبب الوهج وتجعل الطالب يشعر بالتعب والإرهاق بشكلٍ أسرع.

5- عدم وجود ضوضاء

توصلت الأبحاث إلى أن بعض الضوضاء منخفضة المستوى يمكن أن تشجع على الإبداع وتساعد الطلاب على الاسترخاء أثناء الدراسة، ومع ذلك، يمكن أن يكون الكثير من الضوضاء في البيئة المدرسية بمثابة إلهاء، لأنها تجعل من الصعب التركيز على المادة العلمية، لهذا إذا شعر المعلمون أو أولياء الأمور أن الضوضاء لها تأثير سلبي على مدى تحصيل الطلاب، يجب العمل على تطوير بيئة مدرسية هادئة تُمكن الطلاب من التعلم بشكلٍ أكثر فعالية، وذلك عبر إزالة عوامل التشتيت، ومصادر الإزعاج، مثل الهواتف المحمولة والأجهزة الأخرى التي قد يكون لها تأثير سلبي. 

6- الأجواء النفسية

البيئة المدرسية لا تقتصر على العناصر المادية فقط بل تشمل الأجواء النفسية أيضًا، إذ يجب أن تضمن البيئة المدرسية للطفل الشعور بالأمان والرغبة في التطور والإنجاز، أي من الضروري أن تتسم بالإيجابية، فتكون خالية من التنمر والتحيزات العنصرية، لكي لا يشعر الطفل بالتوتر والقلق وعدم الراحة، حتى لا تتأثر تصورات الطلاب لمستقبلهم بالسلب، كما يقدر الطلاب على التحصيل الأكاديمي بشكلٍ أفضل من خلال تعزيز الدوافع الإيجابية بداخلهم، وتحفيز شغفهم نحو التعلّم، وهو ما يبعدهم عن التسرب من المدرسة، ويجعلهم أكثر استعدادًا للالتحاق بالجامعة، ويقلل احتمالية ممارستهم للسلوكيات الخطرة، فتنخفض احتمالية إصابتهم بالاكتئاب، ويزداد شعورهم بالتفاؤل، وتتحسن مهارات التواصل والتفكير النقدي وحل المشكلات لديهم، مما ينمي قدراتهم الإبداعية الفريدة.